(سيرغي لافروف) في الخرطوم.. الصراع على المكشوف

تقرير: محمد عبد الحميد

كشفت مصادر رفيعة عن اكتمال الاستعدادات لاستقبال مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي سيحل ضيفاً على الخرطوم خلال اليومين القادمين، حسب المصادر. كما أكدت مصادر أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف سيصل البلاد لبحث سبل دعم الحوار الـسوداني ــ السوداني في ظل التجاذبات الإقليمية والدولية التي تلقي بظلالها على المشهد السوداني. وأفادت المصادر بأن المبعوث الروسي سيلتقي خلال الزيارة رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو ووزير الخارجية السفير علي الصادق، طبقاً لموقع (كواليس)، فهل هناك صراع روسي أمريكي بالسودان؟ وما هي مآلات ذلك الصراع وانعكاساته على الأوضاع الاقتصادية والسياسية بالبلاد مستقبلياً؟ وهل للزيارة علاقة بزيارة (البرهان ــ حميدتي) لدولة تشاد والصراع في إفريقيا الوسطى؟
قوات فاغنر
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بروفيسور صلاح الدين الدومة، وجود الصراع الروسي الأمريكي في السودان، فالكل يعلم ذلك حسب قوله، فيما أشار إلى زيارة سابقة لنائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو إلى روسيا، وأطنان الذهب التي ذهبت إليها. ويذهب في اتجاه أن زيارة لافروف المزمعة تدخل في خضم الصراع بين القوتين العظميين في السودان. أضف الى ذلك إلغاء الاتفاقية أو المعاهدة التي بموجبها يتم إنشاء قاعدة عسكرية روسية بالبحر الأحمر، ووجود قوات (فاغنر) في الحدود بين السودان وإفريقيا الوسطى وكلها ضمن الصراع.
وفي غضون ذلك يرى أستاذ العلوم السياسية د. عبد الرحمن أبو خريس أن زيارة لافروف تتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إلى القاهرة، ويدل ذلك على تنافس شديد بين القطبين (روسيا وأمريكا) حول المنطقة. ويظهر ذلك بوضوح في الصراع في إفريقيا الوسطى والحديث عن وجود قوات فاغنر والتنقيب الروسي عن الذهب بالسودان وعلاقة القوات المسلحة والدعم السريع بروسيا من حيث التسليح والتدريب. وتبحث روسيا الآن عن استمرارية الهيمنة العسكرية من ناحية التسليح والإمداد للجيش السوداني. فعودة الأمريكان للسودان مرة أخرى حسب أبو خريس في حديثه لـ (الانتباهة) غير مرحب بها، فقد استطاعوا خلال فترة حكم الإنقاذ وضع بصماتهم في مشروعات كثيرة جداً، فيما حدا بالبشير إلى دعوتهم لإنشاء قاعدة عسكرية في بورتسودان على ساحل البحر الأحمر. فالتغيير السياسي الذي حدث بالتأكيد سيضر المصالح الروسية، غير أن ضعف الحكومة الانتقالية وعدم توفر الدعم الغربي الكافي للانتقال الديمقراطي، شجع روسيا على العودة مرة أخرى للسودان للبحث عن مصالحها عبر مظلات كثيرة كالتنقيب عن الذهب، وكما يقال عن وجود قوات عسكرية روسية بالسودان.
وفي مقابل ذلك تقدم الاتحاد الأوروبي بطلب لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لعقد اجتماع معه ونائبه (حميدتي) مع المبعوثين الخاصين من دول الاتحاد الأوروبي فرنسا وألمانيا والنرويج، بجانب أمريكا وبريطانيا، لمناقشة سبل إنجاح العملية السياسية واستئناف المساعدات الإنسانية والاقتصادية من المجتمع الدولي للسودان. وناقش البرهان مع سفير الاتحاد الأوروبي بالسودان إيدن أوهارا الجهود المبذولة لإلحاق القوى المتحفظة والممانعة بالاتفاق الإطاري حتى يتم توسيع قاعدة التوافق حوله.
مآلات الصراع
ففيما يرى بروف الدومة في حديثه لـ (الانتباهة) أن انعكاسات ومآلات الصراع على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد وزيارة وزير الخارجية الروسي في هذا التوقيت الغرض منها إفشال الإعلان السياسي الموقع بأي شكل من الأشكال، وعدم المضي باتجاه الديمقراطية الليبرالية بشكلها المعروف، وذهاب العسكر وفلول الدولة العميقة من السلطة. كما أنه ليس لديهم مقترح أو خطة محددة للحل السياسي بالسودان، والعمل على إرباك المشهد والعودة لنقطة (الصفر) مرة أخرى.
ويشير أبو خريس بوضوح الى أن الدول الغربية وأمريكا وفرنسا تتقاتل في المناطق الحدودية مع السودان في إفريقيا الوسطى حول (الماس والذهب) طبقاً لأبو خريس، لذلك أصبح السودان جزءاً من منظومة الصراع الدولي في تلك المنطقة. فزيارة لافروف المزمعة غرضها حماية المصالح الروسية التي أسسوها مع البشير، وسبب آخر هو ضعف الدعم الغربي للتحول الديمقراطي. فاصطفاف العالم الآن حسب أبو خريس ربما تنتج عنه حرب باردة، مشيراً إلى أن زيارة البرهان وحميدتي لدولة تشاد نسبة للتطورات في إقليم دارفور، إضافةً إلى الدور الكبير الذي تقوم به قوات الدعم السريع بجانب علاقاتها مع قوى الحرية والتغيير.
لكن لبروف الدومة رأي مغاير حول زيارة الرئيس ونائبه إلى تشاد، فهو يرى أن زيارة البرهان وحميدتي إلى تشاد تعكس بوضوح إلى أي مدى وصلت الخلافات والصراعات الدائرة بين المجلس الانقلابي حسب وصفه. ودليله أنه من غير الممكن أن يزور رئيس أعلى سلطة في البلاد تشاد وبعدها بيوم واحد يزور نائبه ذات الدولة! وكل واحد منهما يزور تشاد لإبطال ما فعله سلفه في الزيارة.
بينما أوضح المحلل السياسي أبو خريس وجود تناغم في المواقف بشأن السودان بين روسيا ومصر، فالجميع لا يرغب في حكومة ديمقراطية في السودان الآن رغم إعلان دعمهم للتحول الديمقراطي، وينظرون إليه كبوابة كبيرة لإفريقيا، ففي حالة عدم الاستقرار السياسي سيشكل تهديداً كبيراً لأوروبا ومصر. فالكل متفق حول ضرورة وجود تحول سياسي شامل في السودان، فالمبادرة المصرية مُرحب بها لخلق الإجماع الشامل بين الفرقاء السودانيين.