مصر تحدد 3 أضرار رئيسية للسد الإثيوبي

حددت مصر 3 أضرار رئيسية لـ«سد النهضة» الإثيوبي على نهر النيل، والذي عدّته بمثابة «خطر وجودي» يهدد حياة الملايين من مواطنيها. وقال وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم، أمام الجلسة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023، إن «الممارسات الأحادية غير التعاونية في تشغيل هذا السد، المبالغ في حجمه، يمكن أن يكون لها تأثير كارثي».
وتخشى مصر من تأثر حصتها في مياه النيل، جراء السد الذي تقيمه إثيوبيا منذ عام 2011 على الرافد الرئيسي للنهر، وتطالب القاهرة، ومعها الخرطوم، باتفاق قانوني مُلزم ينظّم عمليتي ملء وتشغيل السد، بينما تدفع أديس أبابا بإنشاء السد «الكهرومائي» بداعي حقّها في التنمية عبر استغلال مواردها المائية.
ووفق سويلم فإنه «في حالة استمرار تلك الممارسات على التوازي مع فترة جفاف مطوّل، قد ينجم عن ذلك خروج أكثر من مليون ومائة ألف شخص من سوق العمل، وفقدان ما يقرب من 15 في المائة من الرقعة الزراعية في مصر، ومضاعفة فاتورة واردات مصر الغذائية».
وتسعى القاهرة أخيراً لخلق زخم دولي حول القضية، من أجل الضغط على أديس أبابا، في محاولة لإيقاف ملء رابع لخزان السد، خلال موسم الأمطار المقبل، في خطوة يُتوقع أن تثير المزيد من التوترات.
وركزت كلمة الوزير سويلم أمام الجلسة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023، على قضية سد النهضة. ونقل بيان لوزارة الموارد الري المصرية اليوم (الخميس)، عن سويلم قوله إن «مصر تعاني من تحديات مُرَكَّبة مترتبة على تغير المناخ والندرة المائية، فهي دولة المصب الأخيرة بنهر النيل، ومن ثم فهي لا تتأثر فحسب بالتغيرات المناخية التي تجري في حدودها، وإنما عبر سائر دول حوض النيل بأسره».
وتعاني مصر من ندرة مائية فريدة من نوعها دولياً، وفقاً للوزير، فهي على رأس قائمة الدول القاحلة بوصفها الدولة الأقل على الإطلاق من حيث معدل الأمطار بين جميع دول العالم، كما أن نصيب الفرد من المياه سنوياً يبلغ نصف حد الفقر المائي، وتعتمد مصر بشكل شبه مطلق على نهر النيل بنسبة 98 في المائة على الأقل لمواردها المائية المتجددة، وهي الموارد التي يذهب ما لا يقل عن 75 في المائة منها للإسهام في استيفاء الاحتياجات الغذائية للشعب المصري عبر الإنتاج الزراعي.
وذكر سويلم أن قطاع الزراعة يمثل مصدر الرزق لأكثر من 50 في المائة من السكان، وأخذاً في الاعتبار أن مصر لديها عجز مائي يصل إلى 55 في المائة من احتياجاتها المائية التي تبلغ 120 مليار متر مكعب، فإنها تقوم باستثمارات لرفع كفاءة منظومة المياه لديها تعدت الـ10 مليارات دولار خلال الخطة الخمسية السابقة، كما تقوم بإعادة استخدام المياه عدة مرات في هذا الإطار، وتضطر لاستيراد واردات غذائية هائلة بقيمة نحو 15 مليار دولار، على حد قوله.
وشدد المسؤول المصري على ضرورة مراعاة أن «تكون إدارة المياه المشتركة على مستوى حوض النيل بوصفه وحدة متكاملة»، ومراعاة «الالتزام غير الانتقائي بمبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق، لا سيما مبدأ التعاون والتشاور بناءً على دراسات وافية، وهو المبدأ الذي يُعد ضرورة لا غنى عنها لضمان الاستخدام المنصف للمورد المشترك وتجنب الإضرار ما أمكن».
ولفت الوزير إلى «أخطار التحركات الأحادية غير الملتزمة بتلك المبادئ على أحواض الأنهار المشتركة»، وقال إن سد النهضة الإثيوبي يُعد أحد أمثلتها، حيث تم البدء في إنشائه منذ أكثر من 12 عاماً على نهر النيل دونما تشاور ودون إجراء دراسات وافية عن السلامة أو عن آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة، كما تستمر عملية البناء والملء بل والشروع في التشغيل بشكل أحادي، فيما وصفها بـ«ممارسات أحادية غير تعاونية تشكّل خرقاً للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقَّع عام 2015، كما أنها لا تتسق مع بيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر (أيلول) عام 2021».
وحذّر من أن استمرار ذلك «يشكل خطراً وجودياً على 150 مليون مواطن»، موضحاً أنه «رغم ما يتردد من أن السدود الكهرومائية لا يمكنها أن تشكل ضرراً، لكن مثل هذه الممارسات الأحادية غير التعاونية في تشغيل هذا السد المبالغ في حجمه يمكن أن يكون لها تأثير كارثي، ففي حالة استمرار تلك الممارسات على التوازي مع فترة جفاف مطول قد ينجم عن ذلك خروج أكثر من مليون ومائة ألف شخص من سوق العمل، وفقدان ما يقرب من 15 في المائة من الرقعة الزراعية في مصر، بما يترتب على ذلك من مخاطر ازدياد التوترات الاجتماعية والاقتصادية وتفاقم الهجرة غير الشرعية، كما يمكن أن تؤدي تلك الممارسات إلى مضاعفة فاتورة واردات مصر الغذائية».
في غضون ذلك تلقت مصر دعماً عربياً جديداً، بإعلان المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي، أن «الأمن المائي لمصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي»، ورفض «أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل».
وشدد المجلس في بيان صادر عن اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في دورته الـ155، على «دعم ومساندة دول مجلس التعاون لكل المساعي التي من شأنها أن تسهم في حل ملف سد النهضة الإثيوبي بما يراعي مصالح جميع الأطراف، مؤكدين ضرورة التوصل لاتفاق بهذا الشأن وفقاً لمبادئ القانون الدولي وما نص عليه البيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021».
ويأتي الموقف الخليجي، بعد أسابيع من اعتماد مجلس وزراء الجامعة العربية قراراً يؤكد «الالتزام العربي بحماية حقوق دول المصبّ لنهر النيل»، ويتضمن دعوة الجانب الإثيوبي لـ«التفاعل الإيجابي وإبداء المرونة» في هذا الملف، مع طرحه كبند دائم على جدول أعمال مجلس الجامعة. وهو ما أثار غضب أديس أبابا التي دعت لـ«وقف تمرير» الملف إلى مجلس الأمن أو الجامعة العربية، وحلّه عبر «الآليات الأفريقية».
ووفق الخارجية الإثيوبية، فإن «إدارة واستخدام نهر النيل بما في ذلك ملء وتشغيل السد، يجب أن يُترك للجهات المعنية في أفريقيا… فنهر النيل وجميع البلدان الشاطئية توجد في أفريقيا». وأضافت، في بيان سابق، أن «الاتحاد الأفريقي يعمل على تسهيل المفاوضات الثلاثية بين إثيوبيا والسودان ومصر لحل القضايا العالقة المتبقية»، مسترشدةً بمبدأ «الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية».
وخاضت مصر لأكثر من عقد مفاوضات مع إثيوبيا إلى جانب السودان؛ في محاولة التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن، دون نتيجة. الأمر الذي أدى إلى تجميدها منذ أبريل (نيسان) 2021، بعد فشل الاتحاد الأفريقي في التوسط لحل النزاع، ما دعا مصر إلى التوجه إلى مجلس الأمن الذي أصدر من قبل «قراراً رئاسياً» يدعو إلى تسريع المفاوضات وإبرام اتفاق يُرضي جميع الأطراف.