حوار ساخن مع مقرر المجلس الأعلى لنظارات البجا عبدالله أوبشار: إما نيل حقوقنا أو انتزاعها

أجرى الحوار: حامد فتحي

ما تزال قضية شرق السودان عالقة، دون حلّ، في ظل حالة من الجمود تخيم على المشهد السياسي في البلاد. ولم ينجح الاتفاق الإطاري الذي رعته الآلية الثلاثية والآلية الرباعية في اختراق حالة الجمود، نتيجة غياب أطراف سياسية من الموقعين على اتفاق جوبا للسلام من جانب، وتصريحات قادة الجيش بأنّ الاتفاق في حاجة إلى مزيد من التوسع، ليشمل المكونات السياسية جميعها، عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول.

وكانت قضية الشرق أحد القضايا الخمس التي أرجأها الاتفاق الإطاري، لإجراء مشاورات حولها، بينما غاب أصحاب المصلحة الفاعلين في شرق السودان عن الاتفاق الإطاري، سواء مجموعة الرئيس السابق للمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، الناظر ترك، الذي انضم للحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية، ومجموعة المجلس الحالية بقيادة العمدة إبراهيم أدروب.

ولأهمية قضية الشرق حاورت “حفريات” مقرر المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، عبدالله أوبشار، وسألته عن الخلافات داخل المجلس، وموقفهم من العملية السياسية الجارية، ورؤيتهم لحلّ قضية شرق السودان.

هنا نصّ الحوار:

تتحدثون في الشرق عن ظلم تاريخي تعرضتم له منذ استقلال السودان عام 1956، فما هي طبيعة ذلك الظلم؟

منذ فجر الاستقلال هناك مظالم تاريخية ارتبطت بالدولة السودانية، وأهمها ما جرى في منطقة البجا. كان شرق السودان يعرف بإقليم البجا مثل إقليم دارفور وإقليم جبال النوبة، بالجغرافيا الممتدة من منطقة الخياري حتى الحدود مع مصر، مروراً بالمنطقة المتاخمة لنهر النيل، تلك منطقة البجا، وتعرف جغرافياً بمنطقة شمال شرق السودان.

ما حدث للبجا هو تهميش وإقصاء واستبعاد فعلي من إدارة الدولة السودانية. لهذا استبق الرعيل الأول للبجا حركات النضال المسلح أو السياسي في أقاليم السودان في نضاله من أجل حقوق الشرق. بدأ أول نشاط لهذا الجيل بعد عامين فقط من الاستقلال، في العام 1958، عقدوا مؤتمر البجا، و قدموا رؤية تتعلق بكيفية إدارة الدولة السودانية، وهي رؤية الحكم الفيدرالي لكل الأقاليم، ومشاركة كل الأقاليم في مستويات الحكم المتعددة.

 

لكن رغم حضور الحكومة المؤتمر، ممثلة في رئيس الوزراء -آنذاك – عبد الله بك خليل، الذي أقرّ بتوصيات المؤتمر، رفضت السلطة في الخرطوم تنفيذ المقررات، لتستمر المظالم التاريخية والعقلية الإقصائية، ولم يتوقف نضال البجا.

ما هي أسباب تهميش شرق السودان في دولة الاستقلال؟

هي سياسة الدولة المركزية القابضة التي لم تطرح مشروعاً وطنياً يراعي التنوع الجغرافي والثقافي والاجتماعي، ما تسبب في تهميش شرق السودان وكل الأقاليم، كما في دارفور وجنوب النوبة وجنوب السودان.

وزاد من تعمق تلك المركزية رؤية الأحزاب التقليدية التي تصدرت المشهد السياسي قبيل وبعد الاستقلال، وعلى رأسها حزب الأمة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي، والتي نظرت للبلاد من رؤية دينية جامعة. ولهذا تأسست أحزاب إقليمية مناهضة للأحزاب التقليدية، ومنها مؤتمر البجا وحركات التحرر وحركة الأنيانيا في جنوب السودان.

حدثنا بإيجاز عن تاريخ نضال البجا ضد التهميش؟

بدأ منذ فجر الاستقلال، عبر تقديم الرعيل الأول لرؤيتهم عقب الاستقلال في مؤتمر العام 1958، وإنشاء مؤتمر البجا كحركة مطلبية. لم يكن المؤتمر حزباً سياسياً، بل حركة حوت كل القوى السياسية. وفي انتخابات البرلمان القومي العام 1968 دخل المؤتمر الانتخابات، وفاز بعدد 12 دائرة في شرق السودان، وشكلوا كتلة مع نهضة دارفور وحركة جبال النوبة مطالبين بمشاركة الأقاليم في مستويات الحكم.

مطالبنا هي إلغاء مسار الشرق في اتفاقية سلام جوبا، وإعلان منبر تفاوضي لشرق السودان، حتى نستطيع مناقشة القضايا كافة، وتقديم رؤيتنا في كيفية الحكم وإدارة الدولة
وظل نضال البجا سلمياً في شكل حركة سياسية، حتى تحول إلى العمل المسلح عام 1994 في بدايات عهد الإنقاذ، بالمشاركة في قوى التحالف في إريتريا، لمدة 14 عاماً. ثمّ انتفض شعب البجا في بورتسودان عام 2005، بعد توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق، كأول ثورة سلمية في وجه جبروت الإنقاذ. ولأول مرة طالبت تلك الانتفاضة الحكومة بالتفاوض مع قوى الحركات المسلحة للبجا، وتعرضنا في الانتفاضة الشعبية لقمع شديد من السلطة في الخرطوم، راح ضحيته شهداء ومصابون ومعتقلون. ونجحت الانتفاضة في إجبار الحكومة على التفاوض مع الحركات المسلحة في الشرق، وتم توقيع اتفاق أسمرا في 2006 لينهي العمل المسلح، وجرى الاتفاق على بنود الترتيبات الأمنية ودمج القوات وغير ذلك، لكن ما تزال تلك الملفات عالقة.

انطلقت شرارة الثورة التي أطاحت بالبشير من بورتسودان، فما هو دور البجا فيها؟

اندلعت شرارة ثورة ديسمبر خلال زيارة الرئيس السابق عمر البشير إلى بورتسودان، حين ثرنا في وجه البشير، حتى تكللت الثورة بالإطاحة بنظام الإنقاذ. ونحن ما نزال في ثورة سلمية، أطلقها المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة منذ ثلاثة أعوام، نطالب فيها بإلغاء مسار الشرق الوارد في اتفاقية سلام جوبا، وإعلان منبر تفاوضي للشرق لنيل الحقوق كاملةً، أسوة بما تم في دارفور والمنطقتين. نحن نريد التفاوض المباشر مع الحكومة للوصول لاتفاق لمشاركة عادلة في الثروة والسلطة والموارد الإقليمية والترتيبات الأمنية.

ما هي مكانة مكوّن البجا في منطقة شرق السودان تاريخياً؟ وكيف هي علاقتكم ببقية المكونات التي تعيش في الشرق؟

هناك قبائل عدة في المنطقة الجنوبية لأرض البجا، خاصة في القضارف والبطانة، حيث يوجد الأشقاء من قبائل الشكرية والضباينة والرشايدة وغيرهم، والمكونات التي تقطن في المدن الرئيسية على مستوى الولايات الثلاث في الشرق (البحر الأحمر، كسلا، والقضارف).

ومع وجود كل المكونات نجد بأنّ البجا أصبحوا جزءاً من الدولة السودانية بالجغرافيا الممتدة من جنوب شمال القضارف حتى الحدود مع مصر، مروراً بشرق النيل والبحر الأحمر وإريتريا شرقاً. ويعيش في تلك الجغرافيا البجا ومكونات قبلية والمواطنون الذين انتقلوا بحكم الحركة الحديثة، وهذه المنطقة ترتبط بحكم التاريخ بالبجا.

 

ولا يوجد أي تداخل لغوي إلا لغة البجا الأصيلة، وهي لغة “البداويت” التي ينسب إليها اسم البجا. أما عن العلاقة مع بقية المكونات فهي علاقة تعايش واحترام متبادل، مع إقرار تلك المكونات بأحقية البجا في هذه الجغرافيا، وما يحدث من مشكلات تتم معالجتها بالعرف والثقافة المحلية.

وبيننا وبين القبائل مثل الشكرية والضباينة والأخرى الأقرب إلى النيل مثل الجعليين علاقات الود والتقدير والاحترام المتبادل، ولم يحدث حتى الآن أي إشكال كبير جداً، لأنّ طبيعة المجتمع السوداني التسامح وتجاوز الخلافات، رغم التفلتات التي نشهدها في الآونة الأخيرة.

مع بداية الفترة الانتقالية، بعد سقوط نظام الانقاذ جرى توقيع اتفاق جوبا الذي تضمن مسار باسم شرق السودان وعارضه شعب البجا، فلماذا؟

كان للبجا إسهام كبير في ثورة ديسمبر المجيدة، بدءاً بانتفاضة 2005 مروراً بانتفاضة 2019، التي كانت انطلاقة الثورة. حكومة الانتقال اختطفت صوت شرق السودان عبر تضمين ما سمي مسار شرق السودان في مفاوضات جوبا، والذي غيب البجا أصحاب المصلحة الحقيقين. لهذا رفضنا مسار شرق السودان، لأنّ المجموعة التي فاوضت باسمنا لا تمثلنا، ولا شرعية لها. فضلاً أنّها لم تناقش القضايا الرئيسية التي ظل ينادي بها أهل شرق السودان. نحن لا نتحدث عن جانب عنصري أو استبعاد لمكون، لكن هناك أخطاء كبيرة جداً، وللأسف الشديد سعى نظام الانقاذ لتمكين بعض الحركات المعادية لإريتريا، مثل جبهة التحرير الإريترية والجهاد الإسلامي الإريتري. وبعد سقوط النظام سعت تلك الكيانات لإيجاد منصات تحمي بها مكتسباتها، بعد أن مكنهم نظام الإنقاذ عبر المستندات الثبوتية والأسلحة لتسهيل حركتهم في إريتريا، وبحثت عن حواضن جديدة فرأت في مسار شرق السودان مساحة وحصان طروادة لتعزيز وجودهم.

ونحن نعلم جيداً من هم قادة مسار الشرق، ولهذا رفضناه رفضاً قاطعاً، حتى إنّ قادة هذا المسار تباهوا بولائهم لإريتريا، وبأنّهم كانوا جزءاً من حركات التحرير الإريترية، بل وبعضهم اُحتجز في سجن غوانتانامو بتهم الإرهاب.

تضمن مؤتمر سنكات عدة مقررات من بينها مراجعة الهوية الوطنية، فلماذا وما أهمية ذلك؟

مؤتمر سنكات في أيلول (سبتمبر) 2020 شبيه بمؤتمر العام 1958. نحن في المجلس الأعلى رأينا أهمية عقد مؤتمر لمناقشة القضايا الرئيسية للشرق، والخروج بمسودة رئيسية للتفاوض مع الحكومة. وناقشنا نقاطاً متعددة بما فيها مراجعة الهوية. لا نتحدث عن مراجعة الهوية للمكونات في شرق السودان، والكل يعلم بأنّ الحديث عن مراجعة الهوية مرتبط بتلك الفترة التاريخية التي شهدت الحرب في إثيوبيا وإريتريا، وتسببت في موجات نزوح كبيرة.

يرتبط بالسؤال السابق الحديث عن دور إريتريا في شرق السودان، فكيف هو هذا الدور رسمياً وعلى مستوى اللجوء؟

مؤخراً تسببت الحرب في إثيوبيا بين الحكومة وجبهة تحرير تيجراي في نزوح أعداد كبيرة، جرى إنشاء معسكرات لهم في مناطق شرق السودان، مثلما حدث إبان حرب الاستقلال في إريتريا (1961 – 1991)، والتي كانت سبباً رئيسياً في موجات نزوح، جرى استيعابها في معسكرات لجوء من قبل الأمم المتحدة في شرق السودان. وتجاوز عددها 28 معسكراً بدءاً من معسكر “ود شريفي”، الذي أصبح الآن شبيهاً بمخيم نهر البارد في لبنان.

يجب على المدنيين تبني قضايا الشرق حتى لا تكون مطية لتعطيل الانتقال السلمي. نحن في حراك شرق السودان لسنا جزءاً من أي تحالف سياسي قائم
تتبع هذه المعسكرات لإدارة وإشراف الأمم المتحدة، التي ترعى دخول تلك المجموعات الكبيرة جداً بشكل يومي، ويحصلون على مستندات ثبوتية سودانية للانخراط في المجتمع، ثم يتفاوضون بالنيابة عنا باسم مسار الشرق.

على سبيل المثال، تحدث كبير مفاوضي شرق السودان، عبد الوهاب جميل في لقاء في ولاية كسلا، مفتخراً بانتمائه لإريتريا، فكيف نقبل في شرق السودان بمن يفتخر بالانتماء لدولة أخرى. ولكي لا يتكرر ذلك المشهد وتسعى مجموعات أجنبيه تعيش في المعسكرات للمطالبة بحقوق أهل السودان ظللنا ننادي بأهمية مراجعة الهوية، بالتنسيق مع منظمات الأمم المتحدة التي ترعى اللاجئين. وغير مقبول أنّ يبلغ الخلط في هذه القضية المهمة، إلى درجة مخاطبة نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) لأهل الشرق من داخل أحد معسكرات النزوح في مدينة كسلا، وهو لا يدري أين يقف ومَن يحيط به.

كيف تنظرون في المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة إلى مستقبل المكونات الأخرى من غير البجا في إقليم الشرق وأنتم تطالبون بمراجعة الهوية الوطنية؟

يعتبر شرق السودان بمثابة سودان مصغر، يتعايش فيه الجميع، ببساطة أهلنا البجا يألفون من جاورهم ويعاملونهم بالود والاحترام والتقدير. ولم يحدث على مر التاريخ أي نزاع بين المكونات السودانية وأهلنا البجا في شرق السودان، بما فيهم الشكرية والرشايدة والضباينة. لكنّ المجموعات التي وفدت مؤخراً لا تدري بثقافة أهل السودان، لذلك حدثت احتكاكات.

شهدت مدينة بورتسودان صراعاً دموياً بين البجا والنوبة من جانب، والبني عامر والحباب من جانب آخر. أثيرت العديد من الصراعات التاريخية حول مملكة البني عامر، فلماذا خرجت هذه الصراعات في الفترة الانتقالية؟ وما هو دوركم في المجلس الأعلى لعلاج ذلك؟

هناك مشاكل تكررت في الفترة الأخيرة بين بين النوبة والبني عامر. أولها في العام 1986 عندما أنشأ النوبة كنيسة في أحد أحياء بورتسودان، في وقت اشتداد عود الجبهة الإسلامية، والتي كانت قيادات من البني عامر تنتمي إليها بما تحمله من فكر متطرف، لهذا قامت تلك القيادات بتحريك البني عامر وحرقوا تلك الكنيسة، ما تسبب في فتنة مع النوبة، وبعد ذلك استطاعت الإدارة الأهلية إخماد الفتنة. وكانت هناك حساسيات قديمة تجددت في العام 2019 وبعده، لكن هذه الاحتكاكات ليست ذات طابع سياسي. الآن يشهد شرق السودان الأمن والاستقرار.

 

أما عن حديث بعض أهلنا البني عامر عن مملكة لهم، فهو أمر غير مقبول، وموضوع حساس لدى البجا؛ لأنّ هذا الحديث يقصد منه إدعاء الحق في الأرض والجغرافيا والتاريخ. وتاريخياً لا وجود لأي مملكة لقبائل البني عامر في السودان وشرق السودان تحديداً. ويتحدث التاريخ عن مشيخة تتبع الدولة السنارية في منطقة أبو جرادات في الجارة إريتريا في جغرافيا اليوم. بعض الكتاب الجاهلين بالثقافة والتاريخ والجغرافيا كانوا سبب فتنة في شرق السودان بحديثهم عن هذا الموضوع.

خلال الفترة الماضية شهد المجلس الأعلى للبجا إعلان الناظر ترك استقالته وتجميد المجلس. رفضتم أنتم تلك الخطوة، وتحدثتم عن دور للخرطوم في ذلك الانشقاق. فما هو تعليقكم؟

ضمّ المجلس يوم تأسيسه خمسة من النظار بجانب العمد والمشايخ وغيرهم، وسبق خروج الناظر ترك خروج اثنين من النظار، ثم التحق بهم الناظر ترك. وكانت هناك ضغوطات شديدة على الناظر ترك من مستشاري حميدتي لتفتيت وحدة المجلس، ونعتقد أنّ خطوات الناظر ترك لم تكن نابعة من نفسه. أما خطوات الناظر ترك مثل الإعلان عن حلّ المجلس، فتم رفضها من مكونات المجلس، واختيار رئيس جديد هو العمدة إبراهيم أدروب، وبقيت جميع الأمانات والمقررين والناطق الرسمي صفاً واحداً داعمين للمجلس، بعيداً عن المجموعة التي رهنت نفسها للمركز.

تحدثتم بعد خروج الناظر ترك عن إجراء انتخابات لتشكيل لجان المجلس الثورية، فمتى تحين هذه الخطوة المهمة في تجديد شرعية المجلس؟

هذا المجلس بقيادة العمدة إبراهيم أدروب يمتاز بالحكمة والقرار الجماعي الذي فقدناه طوال قيادة الناظر ترك، ونعتقد بأنّ المخرج لحل قضية المجلس وشرق السودان هي النقاش والقرار الجماعي. ونحن متمسكون بموضوع فتح الترشيح والانتخابات ليجد الجميع نفسه ممثلاً في المجلس.

أما عن شرعية المجلس فقد نال شرعيته من مؤتمر سنكات التاريخي، بتفويض رسمي من خلال الحضور حكومي، وهو الجهة السودانية الوحيدة المفوضة من مؤتمر شعبي، وليس هناك من يملك مثل هذا التفويض في السودان اليوم.

ما هي مطالب المجلس الأعلى كممثل للبجا؟ وما هي رؤيتكم للحكم والسلطة والثروة في شرق السودان؟

مطالبنا هي إلغاء مسار الشرق في اتفاقية سلام جوبا، وإعلان منبر تفاوضي لشرق السودان، حتى نستطيع مناقشة القضايا كافة، وتقديم رؤيتنا في كيفية الحكم وإدارة الدولة، التي ظل أهل الشرق بعيدين عنها كل البعد.

لوحتم بإعلان حق تقرير المصير تبعاً لمقررات مؤتمر سنكات، فما هي الخطوات التي تسبق تفعيل هذا الحق لنيل مطالبكم؟

حقّ تقرير المصير ليس رؤية أشخاص، ولم يكن المطالبة به مزايدةً، وإنما أحد قرارات مؤتمر سنكات التاريخي. لا يستطيع شخصٌ كائناً من كان إلغاء هذه الفقرة لأنها منصوص عليها في مقررات مؤتمر عام، إلا عبر عقد مؤتمر عام آخر.

وهذا الحقّ لا يعني الانفصال فقط؛ ربما يكون تقرير المصير نحو حكم ذاتي في الدولة السودانية، دون استبعاد حقّ تقرير المصير لنيل الاستقلال بشكل واضح وصريح. هذا الحق ليس منّةً من أحد، إنما حق للشعوب الأصيلة، ونحن شعب البجا في شرق السودان شعب أصيل منذ فجر التاريخ.

ويجب الإشارة إلى أننا لا نقصد إقصاء أحد، وهدفنا أن نكون جزءاً من الدولة السودانية باحترام متبادل، وننال حقوقنا، وإلا سوف يلحق شرق السودان ببقية الأقاليم في انتزاع حقوقه.

كيف هي علاقتكم بقوى الحرية والتغيير بشقيها؛ المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية؟

تواصلنا مع الطرفين، وطرحنا أمام الجميع ما نعتقد أنّه المخرج لأزمة شرق السودان. منذ فجر الاستقلال كنا ننتظر الحلول من المركز لقضيتنا، لكننا مللنا من ذلك، ونعتقد أنّ الحل عندنا في الشرق. ولهذا جلسنا مع المجلس المركزي للحرية والتغيير، وذكّرناهم بأننا سلمنا حكومة حمدوك نقاطاً أربع لحلّ أزمة الشرق، وهي؛ إلغاء مسار الشرق، وإعلان منبر تفاوضي، وضمانات دولية لهذا المنبر، وتنفيذ القلد وعقد المصالحات الإجتماعية.

أما مع الكتلة الوطنية فقد طرحنا تلك النقاط بشكل أوضح، وطلبنا منهم تبني هذه الرؤية. ونحن نعتقد بأنه يجب على المدنيين تبني قضايا الشرق حتى لا تكون مطية لتعطيل الانتقال السلمي. نحن لسنا جزءاً من أي تحالف سياسي قائم.