كتب أحمد الشاعر ابو اسلام

اللقاء المشؤوم والاتفاق المسموم

لا تزال الأزمة السودانية تراوح مكانها منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر حسن أحمد البشير فجر الحادي عشر من ابريل عام ثمانية عشر والفين أثر الثورة الشعبية العارمة التي اجتاحت ارجاء البلاد بسبب الضائقة المعيشية والركود الاقتصادي واستشراء الفساد في جميع مؤسسات الدولة.
وبالنظر إلي تاريخ سقوط النظام وما الت إليه البلاد الآن بات الشعب السوداني يتذكر ظروف حياته ومعيشته إبان حكومة البشير ثم ينظر إلي أوضاعه المزرية التي يعد الفقر المدقع والجوع أبرز عناوينها اليوم بعد مرور زهاء الأربعة أعوام علي نجاح الاحتجاجات الشعبية التي وضعت حدا لنظام الثلاثين من يونيو لعام تسعة وثمانين وتسع مائة والف
بيد أن المواطن السوداني الذي يطوق إلي الحرية ويتطلع إلي الديمقراطية ويحلم بالرفاه الاقتصادي لم يحقق بثورته إلا إزاحة شخص الرئيس المخلوع وأركان نظامه من السلطة فقط دون أن يحدث اي تغيير في حياته اليومية ومعاشه وظروفه وضنك عيشه ..
كما لم يطرأ أي تغيير في النظام بل شهدت البلاد فراغا دستوريا مفتوحا استمر لأكثر من ثلاثة أعوام ولا يزال مستمرا بالرغم من أن الشعب السوداني يملك رصيدا من التجارب الثورية واسقاط الأنظمة الديكتاتورية في ١٩٦٤…و١٩٨٥
وغيرها من تجارب الحراك الجماهيري التي تحفز هذآ الشعب المعلم الذي يستحق ان ينال ما يصبو إليه ويستحق أن يبني الدولة والوطن الذي يحلم به يومياتي.

إن المعوقات والعقبات التي تعتري الشعب وتحول بينه وبين تحقيق أهداف ثوراته في كل مرة لا تزال ماثلة أمامنا وقابعة في القصر الجمهوري ومتواجدة في دور القوي السياسية العاقرة التي لا تجود قريحتها بفكرة ولا تنتج عقولها تخطيطا يحمل البلاد من مربع التشظي والخلاف إلي فضاء التلاقي والوفاق حيث يتصدر التشفي والانتقام والاقصاء كل المشاهد والمواقف في خضم السياسة السودانية.

إن سرقة الثورة السودانية من قبل لصوص مدعين لا يزال هو السبب الرئيسي في إعاقة مسيرة الشعب السوداني الطواق للتغيير المنشود ولعل أبرز اللصوص الذين قفزوا علي ظهر الثورة في ليلة ظلماء هم المدنيون والعسكريون الذين تقاسموا السطلة فيما بينهم وحكموا البلاد ثلاثة أعوام واذاقوا فيها الشعب السوداني أمر الويلات حتي تمني الأوضاع في عهد البشير غير أن قرارة الخامس والعشرون من أكتوبر لعام ٢٠٢١ التي اتخذها رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وضعت حدا لذلك العبث السياسي ولكن الفراغ الدستوري استمر حتي هذه اللحظة وظلت القوي السياسية الوطنية تطلق دعوات صريحة للوفاق عبر الحوار والتفاوض بين جميع المكونات السياسية والحركات المسلحة لتشخيص الأزمة الوطنية والاتفاق علي الحلول الوطنية المصيرية التي تحفظ أمن واستقرار البلاد وتحدث نقلة نوعية بالبلاد إلي مربع التوافق الوطني والتداول السلمي للسلطة عبر الوسائل الديمقراطية عن طريق الياتها المتعارف عليها دوليا إلا أن ذات اللصوص الذين سرقوا ثورة الشعب من أول وهلة والمدعومين اجنبيا والمستقوين خارجيا أبت ارادتهم إلا أن يعودوا بالبلاد إلي ذات المربع الأول الذي اقتسموا فيه السلطة وتربعوا علي كرسي الحكم دون كفاءة ولا مهارة ولا خبرة ولا تجربة واضاعوا للشعب فرصة التغيير الحقيقي
فما اشبه اليوم بالباحة ونحن نشاهد المكون العسكري وقوي الحرية والتغيير المجلس المركزي يوقعان علي وثيقة فولكرية بصمات المستعمر الأجنبي واضحة في جميع تفاصيلها
كما نشاهد كيف تم اخفاءها قبل التوقيع عليها وكيف تم تسويقها إعلاميا من أجل تمريرها
كما نشاهد تلهف أعداء الأمس واصدقاء اليوم كيف يمهدوا إلي سرقة ثورة الشعب من جديد.
ولكن هل سيتصدى الشعب السوداني لهذا الاتفاق الاطاري المشؤوم ويجهض المؤامرة الجديدة علي ثورته أم سيتفرج في المسرحية الخجولة كتفرجه لمباريات مونديال قطر.

نواصل
احمد الشاعر ابو اسلام
الأمين السياسي لحركة شباب التغيير والعدالة السودانية