ضوء في نفق الانقسام السوداني على العملية السياسية

 

أفلحت «الآلية الرباعية» في جمع القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري والرافضة له، وذلك استمراراً للجهود التي بذلتها واستطاعت خلالها تذويب جليد العلاقات بين العسكريين والمدنيين، وأدت لتوقيع الاتفاق الإطاري في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكن الاجتماع لم يتوصل إلى نتيجة أكثر من الاتفاق على مواصلة الحوار بين الأطراف على مشروع إعلان سياسي يمهد للممانعين توقيع الاتفاق.

وتتكون الآلية الرباعية من سفراء «المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، والإمارات العربية المتحدة»، وجاء تكوينها لدعم جهود الآلية الدولية الثلاثية التي تتولى مهمة تيسير العملية السياسية واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي، وتتكون من «الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، ومنظمة إيقاد (التي تعنى بالسلام في القرن الأفريقي)».

وذكر بيان صادر عن كتلة العملية السياسية، أمس، أن أمسية الخميس شهدت اجتماعاً ضم كلاً من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي» من الجانب العسكري، وكلاً من عضو مجلس السيادة الهادي إدريس، وأمين عام حزب الأمة الواثق البرير والقيادي في تجمع المهنيين طه عثمان، ممثلين للقوى المدنية الموقعة على الاتفاق، وكلاً من رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، ورئيس «تحرير السودان» مني أركو مناوي، ونائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي جعفر الميرغني، ممثلين للقوى غير الموقعة على الاتفاق، بحضور سفراء الرباعية الدولية، إلى جانب الآلية الدولية الثلاثية.

وقالت الآلية الثلاثية، في بيان، إنها شاركت في اجتماع ضم المدنيين والعسكريين الموقعين على الاتفاق السياسي الإطاري، وممثلين من الأحزاب السياسية والحركات غير الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري لدعم هذه الأطراف في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن العملية السياسية.

وأكد البيان أن الآلية «حثّت» الأطراف على التوصل لاتفاق في أقرب وقت ممكن، لإنهاء الأزمة السياسية وتحقيق قدر أكبر من المشاركة السياسية، وأنها ترى أن «الاتفاق الإطاري يوفر الأساس للتوصل إلى اتفاق سياسي نهائي، وتشكيل انتقال مدني جديد ذي مصداقية، ويلبي تطلعات الشعب السوداني لمستقبل ديمقراطي مزدهر».

ووفقاً لمصادر، فإن الاجتماعات ستتواصل بين هذه المجموعات تباعاً، وينتظر أن يدرس الثلاثي الممانع «مشروع إعلان سياسي»، يمهد لتوقيعهم على الاتفاق الإطاري وهو ذات الإعلان الذي ذاع أنهم قد وافقوا عليه بنسبة كبيرة، وذلك وفقاً لمصادر ذكرت لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، أن جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي، لم يعترضا على الإعلان السياسي، بل اقترحا إضافة «فقرة جديدة» عليه، لكنهما رغم الموافقة على مقترحهما لم يوقعا الإعلان، وهو ما أنكراه في اجتماع الخميس، وكان المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف وصف مواقفهما بأنها ليست خلافاً سياسياً، «بل بسبب غياب الإرادة السياسية».

وتأتي هذه التطورات غداة انطلاق «مؤتمر شرق السودان» المقرر له غداً (الأحد)، وفقاً للآلية الثلاثية، الذي يعد استمراراً لسلسلة المؤتمرات المقررة قبل توقيع اتفاق نهائي، التي أُنجز منها مؤتمرا «تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران)، وتقييم اتفاق جوبا لسلام السودان»، وتبقى منها مؤتمران أحدهما يناقش «إصلاح أجهزة الأمن والدفاع»، والآخر «قضية العدالة والعدالة الانتقالية»، الذي ينتظر أن يعقد خلال الشهر الجاري.

وترفض قوى العملية السياسية توقيع الاتفاق الإطاري في جماعات، وتشترط توقيع الممانعين كل عن تنظيمه، وتزعم أنها اتفقت مع العسكريين أطراف العملية السياسية، وقصرها على مَن سمّتهم «قوى الثورة». ولم توقع قوى ذات طابع يساري الاتفاق الإطاري، وعلى رأسها «الحزب الشيوعي وحزب البعث»، إلى جانب لجان مقاومة وترفضه من حيث المبدأ، ولم توقعه حركتا العدل والمساواة وتحرير السودان، وتتمسكان بالكتلة الجديدة التي أُنشئت تحت اسم «الكتلة الديمقراطية»، وتضم حسب أطراف العملية السياسية «محاسب وأنصار النظام السابق»، وترى في تمسكها بالتوقيع ككتلة محاولة منها لـ«إغراق العملية السياسية».

وإزاء ذلك، عقدت «الكتلة الديمقراطية» ورشة عمل في العاصمة المصرية القاهرة، دعت لها الحكومة المصرية خلال الفترة من 2 إلى 8 فبراير (شباط) الجاري، خرجت بترتيبات دستورية جديدة بموازاة الاتفاق الإطاري، وأعلنت عزمها تشكيل حكومة من جانبها، دعت لها قوى الاتفاق الإطاري.

لكن الكتلة الديمقراطية لم تجد تأييداً محلياً أو دولياً أو إقليمياً لترتيباتها، وبرز ذلك بوضوح في تحذيرات من المبعوثين الغربيين من «الاتحاد الأوروبي، وأميركا، وفرنسا، والنرويج، وألمانيا، وبريطانيا» الذين زاروا السودان الأسبوع الماضي، من عرقلة العملية السياسية واختراع أي عملية موازية للاتفاق الإطاري، باعتباره الخيار الأفضل لتشكيل حكومة بقيادة مدنية.