طالبت الأمم المتحدة بمحاسبة مرتكبي أعمال القتل الأخيرة في ولاية جنوب دارفور بغرب السودان والتي أودت بحياة أكثر من 10 اشخاص؛ وسط تقارير عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وحرق ونهب أكثر من 10 قرى تقع في محيط مدينة نيالا عاصمة الولاية.
ودعت البعثة الأممية الخاصة في السودان لمعالجة جذرية لكل أسباب العنف في جميع أنحاء البلاد.
وفي أحدث موجة عنف في إقليم دارفور المضطرب؛ قتل وأصيب يومي الجمعة والسبت نحو 50 شخصا بعد أن شنت مجموعة مزودة بأسلحة ثقيلة وسيارات دفع رباعي هجوما واسعا على عدد من القرى في جنوب الإقليم.
وأكد شهود عيان أن المهاجمين قاموا بحرق عدد من القرى واقتادوا العشرات من السكان إلى أماكن غير معلومة.
وقال حسين رجال المتحدث باسم منسقية النازحين لموقع سكاي نيوز عربية إن سكان القرى التي تعرضت للهجوم يواجهون أوضاعا أمنية وإنسانية صعبة للغاية في ظل استمرار الهجمات وأعمال الحرق والنهب.
وأضاف أن الفرق الطبية تواجه صعوبات كبيرة للوصول إلى الجرحى حيث أغلقت القوات التي نفذت الهجوم جميع الطرق المؤدية إلى تلك القرى التي يبعد بعضها نحو 20 كيلومترا من مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.
وأدانت هيئة محامي دارفور – وهي هيئة حقوقية – الهجمات؛ وحملت السلطات المحلية والمركزية المسؤولية؛ وقالت إن استمرار التعدي على المدنيين وحرق القرى والقتل الجزافي هو نتيجة لانتشار السلاح وغياب القانون.
يأتي هذا وسط جدل كبير حول اتفاق السلام الموقع في أكتوبر 2020 بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات المسلحة بهدف وقف الحرب التي اندلعت في العام 2003 وحصدت أرواح مئات الآلاف وشردت الملايين في دارفور وكردفان والنيل الأزرق. لكن الأوضاع الإنسانية والمعيشية تدهورت بشكل أكبر في تلك المناطق خلال العام الأخير. ومنذ أكتوبر 2021 تكررت أعمال العنف في دارفور أكثر من 5 مرات وأدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص بينهم نساء وأطفال وحرق قرى بكاملها.
كما شهدت مناطق في ولاية النيل الأزرق في يونيو 2022 اقتتالا قبليا داميا تجددت مرة أخرى في أكتوبر مما أدى إلى مقتل أكثر من 600 ونزوح أكثر من 200 ألف إلى مناطق أكثر أمانا في شمال الولاية وولايات أخرى.
وفي أكتوبر 2022 اندلعت أعمال قتل وحرق واسعة في منطقة لقاوة في ولاية جنوب كردفان سقط خلالها أكثر من 60 شخصا ما بين قتيل وجريح واضطر نحو 36 ألف شخص للفرار بحسب الأمم المتحدة.
وبعد عامين من توقيع اتفاق السلام لا تزال معسكرات النازحين تشهد تدهورا كبيرا في الأمن والخدمات الصحية والتعليمية والأوضاع المعيشية؛ ولم ينجح الاتفاق حتى الآن في إعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية بسبب التدهور العام الأوضاع الأمنية واستمرار القتال في معظم أنحاء دارفور.
واعتبر مراقبون أن التأخر في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية من أبرز الأسباب التي أدت إلى استمرار أعمال العنف في دارفور. وبحسب اتفاق السلام كان يفترض البدء في عمليات الدمج والتسريح خلال فترة لا تتجاوز 90 يوما من توقيع الاتفاق.
وساعد تشظي الحركات المسلحة في استمرار التوترات الأمنية؛ حيث تشير التقديرات إلى ارتفاع عدد الحركات المسلحة في أعقاب توقيع اتفاق السلام إلى 87 حركة مسلحة 84 منها في منطقة دارفور وحدها؛ وهو أمر عزاه مراقبون إلى تركيز اتفاق السلام على تقاسم السلطة والمناصب؛ مما أغرى الكثيرين إلى إنشاء حركات مسلحة جديدة أو الانسلاخ عن الحركات الأم.
ويقول كمال إسماعيل رئيس حزب التحالف الوطني السوداني والقيادي في قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي؛ لموقع سكاي نيوز عربية إن استمرار أعمال العنف في دارفور يعكس الخلل الكبير الذي صاحب اتفاق السلام.
ودعت الأمم المتحدة في بيانها الصادر الثلاثاء إلى وقف العنف بشكل فوري؛ وحثت السلطات السودانية على اتخاذ تدابير أقوى لحماية المدنيين؛ والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.